ثروات نادرة، ومصالح كبرى .. تقرير ديلويت يكشف البُعد الاستراتيجي للمعادن الأرضية النادرة في مستقبل الطاقة العالمي

 ثروات نادرة، ومصالح كبرى .. تقرير ديلويت يكشف البُعد الاستراتيجي للمعادن الأرضية النادرة في مستقبل الطاقة العالمي
  • في ظل الارتفاع المتسارع في الطلب العالمي على الطاقة النظيفة، يبرز التقرير الدور المحوري الذي باتت تلعبه المعادن الأرضية النادرة في المعادلة الجيوسياسية والبيئية لجهود إزالة الكربون، مسلطاً الضوء على الحاجة الملحّة لتحرك الحكومات والقطاعات نحو تأمين سلاسل توريد مستدامة ومتنوعة.
  • تُشير التوقعات إلى أن الطلب على المعادن الأرضية النادرة المستخدمة في تقنيات الطاقة النظيفة سيشهد ارتفاعًا حادًا يتراوح بين 300 و700%بحلول عام 2040، مدفوعًا بالتوسع العالمي في مشروعات الطاقة المتجددة والنقل الكهربائي، ما يعكس حجم التحدي الذي يواجه سلاسل الإمداد العالمية.

دبي، الإمارات العربية المتحدة، 28 يوليو 2025

يسلط تقرير ديلويت، بعنوان “المعادن الأرضية النادرة ودورها في تحول الطاقة”، الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه هذه العناصر في قيادة التحول نحو مستقبل منخفض الانبعاثات. ويتطرّق التقرير إلى مستويات الطلب المتنامية، والتعقيدات الجيوسياسية، وتحديات الاستدامة، ويوفر تحليلات عملية للحكومات والقطاعات وأصحاب المصلحة المستثمرين في اقتصاد الطاقة النظيفة.

وتُستخدم المعادن الأرضية النادرة في مجالات تقنية عديدة، بدءاً من محركات المركبات الكهربائية ووصولاً إلى توربينات الرياح والأجهزة الإلكترونية المتقدمة، ومن المتوقع أن تتنامى أهميتها مع تسارع جهود التحول نحو الطاقة المتجددة. ويتنبأ التقرير بحدوث زيادة كبيرة في الطلب، إذ يتوقّع نمو احتياجات المعادن النادرة المرتبطة بتقنيات الطاقة النظيفة بنسبة تتراوح بين 300 و700% بحلول عام 2040. ومع ذلك، يحذّر أيضاً من نقاط الضعف في سلسلة التوريد، ذلك أن النسبة الأكبر من هذه المواد الأساسية تُعالج في عدد قليل من المناطق الرئيسية، مثل الصين، التي تعالج 90% من المعادن الأرضية النادرة على مستوى العالم.

وحول هذا الموضوع، قال أليكسيوس زخارياديس، الشريك في ديلويت الشرق الأوسط: “تُعد المعادن الأرضية النادرة عنصراً محورياً في التحوّل نحو الطاقة النظيفة، إلا أن التأثيرات البيئية لعمليات استخراجها ومعالجتها تتطلب دراسة دقيقة. ويعكس الطلب المتزايد على هذه المواد حاجة ملحّة إلى تعاون عالمي يضمن سلاسل توريد موثوقة ومستدامة. ويتوجب على الحكومات والصناعات التحرك بسرعة لتأمين الاستثمارات في مصادر متنوعة للإمداد، واعتماد الحلول التقنية، والحفاظ على المعايير البيئية. فهذه الخطوات ضرورية ليس فقط لتقليل الانبعاثات الكربونية، بل أيضاً للحفاظ على أمن الطاقة والاستقرار الجيوسياسي”.

ويستعرض التقرير الاستخدام المتنامي للمعادن الأرضية النادرة في تقنيات الطاقة المتجددة، بما فيها المركبات الكهربائية، التي تتطلب ستة أضعاف المعادن مقارنة بالمركبات التقليدية التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي. وتعتمد توربينات الرياح ذات الدفع المباشر، والمعروفة بكفاءتها العالية، إلى حد كبير على عناصر مغناطيسية من المعادن النادرة. ويحمل هذا الاعتماد تحديات عديدة، لا سيّما في ظل الأثر البيئي لاستخراج هذه المعادن ومعالجتها، والذي قد يؤدي إلى تدهور الأراضي وتلوّث المياه وتراكم نفايات سامة ما لم تُدار العمليات بطريقة مسؤولة.

كما أن الهيمنة الصينية على تلك المعادن تزيد من تعقيد المشهد، حيث تستأثر الصين بإنتاج نحو 60% من الإمدادات. كما تستثمر بكثافة في سلاسل التوريد العالمية، ما يثير مخاوف من احتمالية فرض قيود تجارية تؤثر على الاستقرار. وقد دفعت هذه المخاوف مناطق مثل الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط إلى السعي لتنويع مصادر التوريد، وتطوير تقنيات إعادة التدوير، واستكشاف مواد بديلة.

ويبرز الشرق الأوسط، ولا سيما المملكة العربية السعودية، بصفته لاعباً رئيسياً في جهود تنويع مصادر المعادن النادرة. وتتماشى استثمارات المملكة مع أهداف رؤيتها 2030 الأوسع لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. ومع ذلك، فإن المشاريع المحتملة في المناطق الصحراوية ستحتاج إلى مواجهة تحديات بيئية وموارد كبيرة، مثل ندرة المياه وارتفاع تكاليف الطاقة.

وأضاف زخارياديس: “مع تسارع التحول في قطاع الطاقة، ستتنامى أهمية استدامة المعادن النادرة. ويجب على الأطراف المعنية التعامل مع التحديين المتزامنين والمتمثلين في تقليل الأثر البيئي وضمان تأمين الإمدادات على المدى الطويل. وستكون الابتكارات في مجال إعادة التدوير، وأساليب الاستخراج المتقدمة، والمواد البديلة، ضرورية لضمان أن يكون تحول الطاقة عادلاً ومستداماً بيئياً”.

ويُبرز تقرير ديلويت أيضاً دور صانعي السياسات في وضع أُطر واضحة تشجع على الاستثمار في سلاسل توريد هذه العناصر النادرة. ومن خلال تحديد الأهداف والمعايير التنظيمية، يمكن للحكومات تعزيز الثقة في القطاع ودعم الابتكار لتسريع تطوير تقنيات أنظف وأكثر كفاءة.

ويستعرض التقرير فرصاً مستقبلية للقطاعات لتتصدر الجهود الرامية إلى تقليل الاعتماد على المعادن النادرة. فعلى سبيل المثال، يعمل مصنّعو السيارات على تطوير تقنيات بديلة للسيارات الكهربائية تتطلب معادن أقل أو تعتمد على بدائل. وتُحرز شركات مثل تسلا تقدماً في مجال المحركات التزامنية خارجية التحفيز، التي تتجنب استخدام عناصر مغناطيسية من هذا النوع من المعادن، مما يفتح آفاقاً لتقليل أخطار سلسلة التوريد.

ويرسم تقرير “المعادن الأرضية النادرة ودورها في تحول الطاقة” صورة متباينة تجمع بين الفرص الملهمة والتحدي العاجل، موضحاً الإجراءات الاستراتيجية المطلوبة لاستثمار كامل إمكانات هذه المعادن مع حماية البيئة.

لقراءة التقرير الكامل، يرجى الضغط هنا.