” الذكاء الاصطناعي ، الأخلاقيات ، ومستقبل الإنسانية .. حوار مع نافين بهارادواج ، الرئيس التنفيذي لمجموعة تريسكُن “

 ” الذكاء الاصطناعي ، الأخلاقيات ، ومستقبل الإنسانية .. حوار مع نافين بهارادواج ، الرئيس التنفيذي لمجموعة تريسكُن “

في عالم تتطور فيه التكنولوجيا بوتيرة غير مسبوقة، يقف الذكاء الاصطناعي (AI) في طليعة التغيير، معيدًا تشكيل الصناعات، ومعرفًا أنماط الحياة، ومتحديًا حدود الخيال البشري. جلسنا مع نافين بهارادواج، الرئيس التنفيذي لمجموعة تريسكُن، لاستكشاف السرد الأعمق وراء صعود الذكاء الاصطناعي، آثاره الأخلاقية، وما الذي قد يحمله المستقبل. في هذا الحوار الصريح، يسلط الضوء على أصول الذكاء الاصطناعي، وتأثيره على المجتمع، وكيف يمكن لجيل اليوم التعامل مع هذه الأداة القوية بمسؤولية وهدف.

دبي – الإمارات العربية المتحدة، 28 أبريل 2025

س: هل يمكنك أن تقدم لنا لمحة سريعة عن تاريخ الذكاء الاصطناعي لمن قد لا يكونون على دراية كاملة به؟

الذكاء الاصطناعي ليس ظاهرة حديثة، وإن كان قد أصبح أكثر وضوحًا وانتشارًا عالميًا في السنوات الأخيرة. في الواقع، نحن نتعامل مع الذكاء الاصطناعي منذ أكثر من 15 إلى 25 عامًا، عبر تطبيقات وأشكال متعددة. ومع ذلك، يربط الكثيرون اليوم الذكاء الاصطناعي بالنماذج التوليدية، مثل “شات جي بي تي”، نتيجة سهولة الوصول إليها وشعبيتها الواسعة.

غير أن الذكاء الاصطناعي أوسع من مجرد التوليد النصي. هناك الذكاء الاصطناعي التفاعلي، ونشهد خطوات باتجاه ما يُعرف بـ”الذكاء الفائق”. أدوات مثل “شات جي بي تي” ساهمت في جعل الذكاء الاصطناعي متاحًا لعامة الناس، مما حفزهم على استكشاف إمكانياته بطرق غير مسبوقة.

اليوم، نرى ثمرة عقود من البحث والتطوير. من الرعاية الصحية إلى التمويل، ومن الدفاع إلى الفنون، تستفيد جميع القطاعات من قدرات الذكاء الاصطناعي في تسريع العمليات وتحسين اتخاذ القرار، وتبسيط المهام المعقدة.

س: ما نصيحتك للجيل الجديد في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بمسؤولية؟

سؤالك مهم للغاية. كثيرون يعبرون عن خشيتهم من أن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان أو يحل محله. ولكنني أؤمن أن المسألة تكمن في فهم الحدود الأخلاقية واستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة للقدرات البشرية، لا كبديل عنها.

أنصح الجيل الجديد بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي للتعلم، والبحث، وتوسيع آفاق التفكير، دون الاعتماد عليه بشكل أعمى. الذكاء الاصطناعي سريع وفعال، لكنه يفتقر إلى المشاعر والإبداع الفطري الذي يتمتع به الإنسان.

يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي باعتباره مكملاً للعقل البشري، مع الحرص على الإلمام بمختلف تطبيقاته ومستوياته. بهذا الوعي، سيكون الجيل القادم قادرًا على تسخير هذه التقنية بشكل واعٍ وهادف.

س: هل تخشى أن يحل الذكاء الاصطناعي محل وظيفتك يومًا ما؟

على الإطلاق. كل ثورة تكنولوجية عبر التاريخ أدت إلى تحولات كبرى، لكنها في المقابل خلقت وظائف وفرصًا جديدة.

إن فقدان الوظائف لا يحدث بسبب الذكاء الاصطناعي ذاته، بل نتيجة لفشل الأفراد في التكيف مع المتغيرات. السر يكمن في تطوير المهارات باستمرار، والمرونة في التعلم، والاستعداد لمواكبة المستقبل. من يتطور مع التكنولوجيا يضمن مكانه في العالم الجديد.

س: وماذا عن المخاوف الأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي؟

الأخلاقيات قضية مركزية في تطوير الذكاء الاصطناعي اليوم. وكما هو الحال مع أي تكنولوجيا قوية، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للخير أو للضرر. من هنا تأتي أهمية بناء أنظمة تكنولوجية تحتكم إلى مبادئ الحوكمة الرشيدة منذ البداية، بما في ذلك الأمن السيبراني، وإدارة المخاطر، والإشراف البشري.

كما أن رفع الوعي العام أساسي. يجب أن يتم تثقيف الناس على اختلاف أعمارهم وخلفياتهم لتمكينهم من استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة وأخلاقية.

س: هل سيغير الذكاء الاصطناعي أنماط حياتنا؟

بالتأكيد. الذكاء الاصطناعي يُحدث بالفعل تغييرات جذرية في أسلوب عملنا وتواصلنا وحياتنا اليومية. المهام التي كانت تتطلب أيامًا أو أسابيع يمكن إنجازها اليوم في دقائق.

الأهم من ذلك، أن الذكاء الاصطناعي يمنحنا شيئًا ثمينًا: الوقت. هذا يتيح لنا فرصة إعادة تخصيص وقتنا نحو العائلة والهوايات والرعاية الذاتية، بشرط أن نختار استخدامه بحكمة.

س: كيف قد يؤثر الذكاء الاصطناعي على العلاقات الأسرية؟

الأمر يعتمد على كيفية استخدام التكنولوجيا داخل الأسرة. الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا قد يؤدي إلى تباعد اجتماعي، ولكن إذا استُخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة، فإنه قد يقوي الروابط الأسرية.

من خلال تقليل الأعباء الروتينية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يمنح أفراد الأسرة وقتًا أكبر لقضائه معًا، مما يساهم في تعزيز الصحة النفسية والروابط الاجتماعية.

س: هل تتوقع ظهور مراحل جديدة من الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب؟

نعم، نحن بالفعل على أعتاب مراحل تطورية جديدة. قد نشهد تطور الذكاء الفائق، حيث تتمكن الأنظمة من تحسين أدائها ذاتيًا وقد تتجاوز القدرات الإدراكية البشرية في بعض المجالات.

ومع هذا التقدم، يجب أن نسير بحذر. لا ينبغي أن يكون هدفنا الابتكار من أجل الابتكار، بل يجب تسخير هذه التقنيات لمعالجة التحديات الكبرى مثل الفقر، والأمن الغذائي، والتعليم، والرعاية الصحية، والاستدامة البيئية.

س: كلمة أخيرة تود توجيهها؟

مستقبلنا سيتشكل بناءً على كيفية استخدامنا للذكاء الاصطناعي اليوم. إذا قادنا الابتكار بنوايا صادقة، وأخلاقيات راسخة، وقيم إنسانية عالية، سنصنع عالمًا أفضل لنا وللأجيال القادمة . التكنولوجيا في حد ذاتها محايدة؛ نحن من نحدد اتجاهها.