أسعار الغذاء تحلق عالمياً وتأثير التضخم على صناعة المأكولات والمشروبات في عام 2022

 أسعار الغذاء تحلق عالمياً وتأثير التضخم على صناعة المأكولات والمشروبات في عام 2022

يُنسب إلى السيد منهل نصر، الرئيس التنفيذي لشركة “أوج للاستثمارات”:

شهدت بداية عام 2022 ارتفاعاً ملحوظاً بمعدلات التضخم في جميع دول العالم. فوفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، سجل مؤشر أسعار الأغذية عالمياً ارتفاعاً بنسبة 29.8٪ في أبريل 2022 مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي. إذ تشهد اقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حدٍ سواء زيادةً في تكاليف المعيشة، والتي تنعكس في ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم. ويُعزى بلوغ معدل التضخم السنوي 9,2% حول العالم إلى زيادة أسعار الطاقة والغذاء.

العوامل المؤثرة في ارتفاع أسعار المأكولات والمشروبات

تقف العديد من العوامل وراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية. فعلى مدى العامين الماضيين، كان الانخفاض في إنتاج الغذاء غير متكافئاً مع الزيادة المستمرة في الطلب, بالإضافة إلى ذلك، أحدثت جائحة كوفيد-19 والأوضاع الجيوسياسية اضطراباً في أسواق الغذاء العالمية.

وسجل مؤشر الفاو لأسعار الأغذية ارتفاعاً قدره 55.2٪ بين مايو 2020 وفبراير 2022، مدفوعاً بزيادة قدرها 159.4٪ في تكلفة زيوت الطهي، تبعتها زيادات كبيرة في أسعار السلع الأساسية مثل السكر ومنتجات الألبان والحبوب.

وفيما يلي بعض العوامل التي ساهمت في حدوث التضخم:

أولاً، الظروف الجوية القاسية التي تسببت بحالات الجفاف في دول مثل غرب الولايات المتحدة، وأمريكا الجنوبية، والبرازيل، وأوروبا، وروسيا. وأدى ذلك لزيادة تكلفة السلع، مثل الشوفان والقمح والسكر والذرة وفول الصويا والبن والماشية.

ثانياً، جائحة كوفيد-19 التي فرضت قيوداً على حركة التنقل الدولي، مما أثر على عمليات الشحن ورفع تكاليفه، ثم جاءت زيادة أسعار الوقود. ودفعت المخاوف المتعلقة بتوافر الغذاء البلدان المنتجة للمحاصيل إلى فرض قيود على الصادرات، وهو ما أثر بشكل أكبر على الدول النامية التي تعتمد بشكل رئيسي على الاستيراد لتأمين سلعها الغذائية.

وأخيراً، الحرب الروسية الأوكرانية والتي تسببت بلا شك في حدوث موجة الصدمات أرخت بظلالها على جميع أنحاء العالم، حيث تنتج أوكرانيا أكثر من 25٪ من بذور عباد الشمس في العالم كما تستحوذ على 10٪ من صادرات القمح العالمية. وبالتالي، تشهد أسعار زيت عباد الشمس وبدائله ارتفاعاً حاداً. وفوق ارتفاع تكاليف الغذاء والنقل، ساهم هذا الصراع أيضاً في زيادة تكلفة إنتاج الغذاء.

وأدى عدم استقرار أسواق الغذاء إلى لجوء العديد من حكومات الدول المصدره لاتباع سياسة الحماية الغذائية، وذلك بفرض ضرائب أو حظر على تصدير العديد من السلع الأساسية، مثل الحبوب وزيت الطهي والبقوليات، الأمر الذي انعكس سلباً على البلدان التي تعتمد على الواردات من هذه السلع.

الانعكاسات على سوق المأكولات والمشروبات في دولة الإمارات العربية المتحدة وتدابير الحد منها

تظهر بيانات المركز الوطني للإحصاء نمو معدل التضخم السنوي في دولة الإمارات إلى 2.58٪ في نوفمبر 2021، بعدما سجل 1.86٪ قبل شهر من ذلك.

ووفقًا لتقرير صدر عن بنك الإمارات دبي الوطني، فقد ارتفع معدل تضخم أسعار المستهلك إلى 4.6٪ في أبريل 2022 على أساس سنوي. وكان المسبب الرئيسي لهذا التضخم تكاليف الشحن (28.8٪)، تليها أسعار المواد الغذائية (8.6٪) في المرتبة الثانية.

وعليه، لجأت بعض العلامات التجارية للمأكولات والمشروبات في الدولة، بما في ذلك العلامات التجارية التي تندرج تحت مظلة “أوج للاستثمارات”، إلى تبني ممارسات متنوعة؛ حيث قام بعضها باستخدام بدائل للمواد الخام، وبالتالي رفعت حجم المخزون لديها للحفاظ على مستوى التكلفة. كما عدلت في وصفات منتجاتها لاستبدال المكونات باهظة الثمن أو التي يصعب العثور عليها مع الحفاظ على معايير الجودة، وكل ذلك في محاولة للاستعاضة عن رفع أسعار منتجاتها وإلقاء عبئها على العملاء.

علاوةً على ذلك، اتخذت وزارة الاقتصاد الإماراتية تدابير صارمة لمواجهة ارتفاع الأسعار تمثلت بفرض حدود قصوى للأسعار على الآلاف من المواد الغذائية. في سياق آخر، تشجع دولة الإمارات الشركات الناشئة ورواد الأعمال على تقديم مقترحات وابتكار حلول لتحديات الأمن الغذائي.

ويؤمن الكثير من الخبراء أن الإجراءات والممارسات التي اتخذتها دولة الإمارات مرنة وقادرة على امتصاص الأزمة والحفاظ على استقرار الاقتصاد، وذلك على عكس بعض الدول المتقدمة. إلا أن المشكلة عالمية إلى حدٍ كبير وغير محصورة في المنطقة، وعليه، لا يمكن لدولة أو هيئة تنظيمية واحدة حلّها بمفردها، بل يتطلب الأمر الاهتمام و العمل الجاد من قبل الاقتصاديين في جميع الدول وعلى مستوى عالمي.