في ظل أزمة عالمية ملتهبة .. الإمارات تنجح في تأمين وارداتها من الحبوب الاستراتيجية

 في ظل أزمة عالمية ملتهبة .. الإمارات تنجح في تأمين وارداتها من الحبوب الاستراتيجية
  • الأزمة الروسية الأوكرانية تضع العالم على محك البدائل .
  • دول تسعى لسد العجز العالمي واللوجستيات ترفع كلف التصدير .

الإمارات العربية المتحدة، 28 يوليو 2023

أسهم اعتماد القانون الاتحادي رقم 3 – لسنة 2020 بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في دولة الإمارات في تعزيز الأمن الغذائي ، عبر وضع آليات واضحة للاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الرئيسية.

وعزز موقع الإمارات كبوابة لتجارة الأغذية بين الشرق والغرب تأمين احتياجات الدولة من الحبوب، لاسيما من القمح والأرز والبقوليات ، وسط أجواء عالمية ملتهبة بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية التي تسببت في حالة من الإرباك عالمياً في تجارة الحبوب على وجه الخصوص.

ورفعت الإمارات قدراتها الصناعية الغذائية المحلية ونوعت وجهات وارداتها الغذائية منذ أزمة “كوفيد 19” الصحية العالمية، التي تسببت في تعطل سلاسل الإمداد العالمية ، كما وضعت الدولة توفير الغذاء على رأس أولوياتها.

وتهدف “الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051” ، لدولة الإمارات بأن  تكون الدولة الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول العام 2051 ، كما تهدف إلى تطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء.

شراكات دولية

وأوضح مركز  ” إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” ومقره أبوظبي، أن توقيع  الإمارات شراكة استراتيجية مع الهند على وجه الخصوص قد عزز التبادل التجاري بشكل عام بين البلدين ، كما وفرت الشراكة للإمارات وجهة مثالية لتصدير الأغذية والحبوب، مع الاضطرابات الكبيرة للاقتصاد العالمي الناجمة عن جائحة كوفيد–19 والأزمة الروسية الأوكرانية.

وأشار مركز ” إنترريجونال ” إلى أهمية الشراكات الاقتصادية الشاملة التي أنجزتها دولة الإمارات مؤخراً وأبرزها الشراكة الصناعية مع مصر والأردن والبحرين وفرنسا والتي تسهم في جزء منها في تعزيز حركة الصادرات بين الإمارات وهذه الدول لاسيما الصادرات الغذائية منها.

الأزمة الروسية الأوكرانية

وفي السياق استعرض مركز ” إنترريجونال” أبعاد تعليق روسيا مؤخراً المشاركة في اتفاقية تصدير الحبوب ، في 17 يوليو 2023، “مبادرة حبوب البحر الأسود” لتصدير الحبوب الأوكرانية؛ نظراً إلى عدم التزام الدول الغربية بنصوص الاتفاقية التي تقضي بتخفيف العقوبات الاقتصادية وتذليل العقبات التي تُواجِه صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة؛ ما يسهم في تعطيل الإمدادات الغذائية، ويُنذِر بأزمة غذائية طاحنة للدول المستوردة التي تعتمد على الصادرات الأوكرانية، فيما أكدت الحكومة الروسية عودتها إلى الاتفاقية شريطة موافقة الدول الغربية على مطالبها، وتذليل العقبات التي تواجه صادراتها؛ حيث إن القيود المفروضة على الشحن والتأمين عطَّلت صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة.

التداعيات المحتملة

وقال مركز ” إنترريجونال”: إنه وعلى الرغم من التداعيات المحتملة لتوقف اتفاقية الحبوب عبر البحر الأسود، فقد يتوقَّف مدى تأثيرها وتهديدها للأمن الغذائي العالمي على المدى الزمني لتعطُّل الإمدادات؛ فمن المحتمل ألا يكون للقرار الروسي تأثير فوري على الإمدادات العالمية.

ويُعزَى ذلك إلى ضمان أمن الإمدادات من الحبوب الغذائية من موردي الحبوب الآخرين؛ حيث تعمل أوروبا والأرجنتين والبرازيل على زيادة شحنات القمح والذرة المُعَدَّة للتصدير، فيما رفعت روسيا إنتاجها من القمح؛ حيث صدَّرت نحو 45.5 مليون طن متري في عام 2022–2023.

ووفقاً لتقديرات وزارة الزراعة الأمريكية، من المتوقع ارتفاع حجم الصادرات الروسية من القمح إلى نحو 47.5 مليون طن متري خلال 2023–2024، فضلاً عن طمأنة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الأسواق العالمية وتأكيدهما تعزيز الأمن الغذائي العالمي واستقرار أسعار الغذاء العالمية، من خلال دعم التسليم المستقر لجميع السلع، وخاصةً المنتجات الزراعية إلى الأسواق العالمية من خلال ممرات التضامن بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.

تداعيات

وقال ” إنترريجونال” :  قد يُخلِّف القرار الروسي عدة تداعيات آنية لا يمتد تأثيرها على المدى الطويل، لا سيمَّا في ظل إعلان روسيا العودة إلى الاتفاقية شريطة موافقة الدول الغربية على مطالبها، والسماح بتصدير منتجاتها من الحبوب والأسمدة دون عقبات، ومن ثم عودة العمل بالاتفاقية، والسماح بالمرور الآمن للسفن الأوكرانية. ويعتمد ذلك على الفترة التي تتخذها ردود الفعل الأوروبية في الاستجابة للمطالب الروسية.

بدائل

وربما تستمر التأثيرات على المدى الطويل من جراء محاولة أوكرانيا إيجاد بدائل لتوريدات الحبوب الأوكرانية، من خلال اعتمادها على طرق التجارة البديلة واستخدام طرقها البرية والنهرية للتصدير عبر نهر الدانوب والدول المجاورة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي؛ حيث تُواجِه تلك البدائل تحديات لوجستية ومالية، حيث لا يوجد عدد كافٍ من عربات الشحن اللازمة لتصدير جميع الحبوب الأوكرانية براً، فضلاً عن اختلاف مقاييس السكك الحديدية بين الدول، ما يرفع تكلفة النقل ويحد من القدرة التصديرية للدولة.

أزمة الأرز

وفي السياق قال “انترريجونال” : إن عملية إنتاج محصول الأرز تمر بأزمة ؛ لاسيما للأسيويين الذين ينتجون أكثر من 90% من الانتاج العالمي، لعدة اسباب أهمها:نقص إمدادات الأرز بفعل الحرب الأوكرانية والتهديدات المناخية وتوقعات بارتفاع الطلب مع  تراجع إنتاج الأرز في آسيا و نقص العمالة فيما يأتي تقييد إمدادات الهند من محصول الأرز كأحد ابرز أسباب الأزمة، ما يفرض على صانعي السياسة ضرورة مزج الحلول الاقتصادية والتكنولوجية المعقدة في سبيل التغلب على أزمة الأرز ، من خلال تشجيع التأمين على المحاصيل واستخدام نظم الزراعة الحديثة والأكثر استدامة.