إسهامات التكنولوجيا والمهارات في تطوير تجارب المتعاملين في الامارات

 إسهامات التكنولوجيا والمهارات في تطوير تجارب المتعاملين في الامارات

بقلم “جيشانكار ك. نايار”، رئيس قسم الخدمات في مجموعة محمد حارب العتيبة

أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة، 17 نوفمبر 2025

لم تعد الابتكارات في الاقتصاد الخدماتي الحديث تقتصر على تطوير المنتجات الذكية، بل تمتد إلى أساليب التفاعل مع العملاء والاستجابة لاحتياجاتهم عند طلب الدعم. فاليوم، يُقاس تميز العلامة التجارية بمدى قدرتها على التعامل مع المواقف وتقديم الحلول الفعالة، لا بمجرد جودة المنتج أو الخدمة عند لحظة الشراء.

وفي دولة الإمارات، تتغير توقعات العملاء تجاه خدمات ما بعد البيع بوتيرة متسارعة، بالتوازي مع تزايد الاعتماد على الحلول الرقمية. ووفقًا لتقرير «صوت المستهلك 2024» الصادر عن مؤسسة “برايس ووترهاوس كوبرز” (PwC) في الشرق الأوسط، فإن 78% من المستهلكين في المنطقة يتعرّفون إلى علامات تجارية جديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي نسبة تفوق المتوسط العالمي البالغ 67%. كما يبحث 82% من المستهلكين عن المراجعات والتقييمات الإلكترونية قبل اتخاذ قرار الشراء، ما يعكس وعيًا متناميًا لدى المتعاملين ورغبة في التعامل مع شركات تتسم بالشفافية والمصداقية وسرعة الاستجابة.

ويُظهر التقرير نفسه أن التكنولوجيا غيّرت بشكل ملموس أنماط السلوك الاستهلاكي اليومية؛ إذ يتسوّق 44% من المستهلكين في المنطقة عبر الهواتف الذكية يوميًا أو أسبوعيًا، مقارنةً بـ34% على مستوى العالم. كما يرى نحو 40% منهم أن الدفع عبر الهاتف، والخدمة الذاتية، والعروض الفورية المخصّصة، تشكّل عناصر رئيسية لتحسين تجربتهم الشرائية. وتؤكد هذه المؤشرات أن المستهلكين باتوا يتوقعون خدمات فورية وسلسة ترتكز على الكفاءة الرقمية.

وفي مركز “هوم وايد” الجديد للخدمات التابع للمجموعة بأبوظبي، تتجلى هذه التوجهات في الممارسات اليومية؛ حيث تم تخصيص أقسام مستقلة للتعامل مع طلبات التشخيص ومطالبات الضمان والاستفسارات، بما يسهم في تقليص فترات الانتظار ورفع مستوى الكفاءة التشغيلية. أما في أقسام الدعم الفني، فتُستخدم تقنيات التشخيص الرقمي وقطع الغيار الأصلية لضمان الدقة والسلامة في كل عملية صيانة، بينما تتولى أنظمة الذكاء الاصطناعي متابعة طلبات الخدمة وتزويد العملاء بتحديثات منتظمة خلال جميع مراحل المعالجة.

ومع ذلك، تبقى التكنولوجيا وحدها غير كافية للحفاظ على ولاء العملاء. فالعنصر الفردي،  من فنيين ومستشاري خدمة، يظل في صميم التجربة، بفضل خبرتهم وقدرتهم على التواصل الفعّال وفهم احتياجات العملاء والتفاعل معهم. إن خدمة العملاء اليوم تقوم على الثقة والوضوح واحترام الوقت، وهي القيم التي تُرسّخ علاقات طويلة الأمد بين الشركات وعملائها.

ومع استمرار تطور توقعات المستهلكين في دولة الإمارات، فإن الشركات التي تنجح في الجمع بين الكفاءة التقنية والفهم الإنساني ستقود مستقبل التميز في خدمات العملاء. فجوهر التطوير الحقيقي لا يقوم على التكنولوجيا وحدها، بل على بناء تجربة متكاملة تتسم بالشفافية، وسرعة الاستجابة، والاهتمام الحقيقي بالمتعاملين.