رحلة إلى الإسكندرية .. موطن الحضارات على البحر المتوسط !
الإسكندرية – بقلم الدكتور جمال المجايدة
في بادرة مميزة ، نظمت شركة فنادق ومنتجعات ريكسوس مصر جولة لعدد من الإعلاميين في مدينة الإسكندرية للإطلاع على معالمها التاريخية والسياحية والثقافية ، وشواطئها الجميلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط .
الهدف من الجولة هو تقديم صورة واقعية لزوار ريكسوس بريميوم العلمين وريكسوس العلمين على الساحل الشمالي لمدينة الإسكندرية عما تحتضنه المدينة من كنوز تاريخية وسياحية .
في كل مرة أزور فيها هذه المدينة ، أكتشف موطنا جديدا للجمال في تلك المدينة المتوسطية الساحرة ، فهي مدينة تذكرك بعراقة روما الإيطالية وروعة أثينا اليونانية .
في الإسكندرية يمتزج التاريخ بالحضارة والجمال بزرقة البحر وطيبة اهلها الذين يوزعون الابتسامات على الزائرين ، وفيها يستشعر الزائر ملامح حضارات إنسانية منذ عهد الإغريق والرومان ، ويستمتع برؤية ماتبقى من تلك الآثار الخالدة في المتاحف أو القلاع أو المشاهد التي تصبّح زوار المدينة وأهلها مع شروق شمس كل يوم جديد .
البحر هو رئة الإسكندرية وهو مصدر الحياة فيها ، فهو الملهم لأهلها وزوارها وعرفت الإسكندرية ببحرها الذي طالما تغنى به الشعراء وكتب عنه الأدباء من عرب وعجم , غير أن الشاطئ بحاجة لقليل من الجهد من أجل النظافة العامة والحفاظ على جمال البحر , وطريق الكورنيش الموازي له بحاجة لتدخل الدولة لتقليل التلوث البيئي والسمعي الناتج عن عوادم السيارات والاستخدام المفرط لآلات التنبيه !
وتشتهر الإسكندرية بشواطئها الممتدة البديعة وكورنيشها الواسع وأشهر أربعة شواطئ بها هي شاطئ ستانلي وشاطئ المنتزه وشاطئ العجمي وشاطئ المعمورة ، اما أبو قير فهي بلدة صيد سمك صغيرة يمكنك أن تتمتع بأشهى المأكولات البحرية بها وبالشمس الجميلة وبهواية صيد السمك .
تحتل الإسكندرية موقعاً جغرافياً فريداً على شاطىء البحر المتوسط بين ثلاث قارات عريقة فى الحضارة ” أفريقيا – آسيا – أوروبا ” وربما هذا الموقع أعطاها كل هذا الألق والتميز على مر الأزمان والعصور !
وهي العاصمة الثانية لمصر و تضم كنوزا من المعالم الحضارية القديمة ، وتتمتع بطبيعة نادرة وطقس معتدل طوال العام . ويمتد تاريخها لأكثر من خمسة آلاف سنة وفيها عشرات المزارات السياحية الحديثة والقديمة التي تضم المساجد والكنائس والقلاع والمتاحف والآثار الفرعونية واليونانية والإغريقية والإسلامية وفيها الأسواق القديمة والقصور الفخمة والحدائق الغناء ، ومن عناوين حضارتها البارزة مكتبة الإسكندرية التي أعيد بناؤها حديثا لتكون صرحاً ثقافياً وحضارياً عالمياً .
الماء العذب والماء المالح
الإسكندرية هي المدينة التي يجتمع فيها الماء العذب والماء المالح إذ يأتيها العذب من نهر النيل عن طريق ترعة المحمودية التي تخترق المدينة بطولها والماء المالح من المتوسط ، هذا ناهيك عما يلاقيه الزائر من بشاشة الوجوه وكرم الضيافة الإسكندرانية .
تقع الإسكندرية فوق الزاوية الغربية للدلتا المصرية ، خطط لبنائها الإسكندر المقدوني عندما غزا مصر عام 333 ق.م إلا أنه توفي قبل أن يراها ، وظل تخطيط المدينة الإغريقي قائماً طوال العصر الروماني ، وفي العصر الإسلامي الذي بدأ بفتح مصر على يد عمرو بن العاص سنة 642م أصبحت المدينة محطاً لكثير من العلماء والأئمة والأولياء الصالحين وكما هو « الاكروبوليس » في المعمار الإغريقي أصبح المسجد يتوسط المدينة وتنتهي إليه شوارعها .
ويقول « إبن الحكم » صاحب أقدم نص تاريخي وصل إلينا عن مساجد الإسكندرية : هي خمسة مساجد : مسجد النبي موسى عليه السلام ، ومسجد سليمان عليه السلام ، ومسجد ذي القرنين أو الخضر عليهما السلام ، ثم مسجد الخضر أو ذي القرنين التالي عند باب المدينة الشرقي ، أما الخامس فكان مسجد عمرو بن العاص .
مكانة الإسكندرية السياحية كبيرة وربما تنفرد دون غيرها بالجمع بين كافة المنتجات السياحية التي قد ينشدها السائح ، فبالنسبة للسياحة الثقافية تُعد الإسكندرية متحفاً مفتوحاً تعود آثاره إلى عام 331 ق م ، مروراً بالعصور الرومانية ، الإغريقية ، المسيحية ، الإسلامية والعصور الحديثة .
موطن الحضارات !
تمزج الإسكندرية بين الحضارة الرومانية والقبطية كما توجد بها العديد من المعالم اليونانية وتشتهر الإسكندرية بشواطئها الجميلة الممتدة بطول المدينة ومناظر البحر الخلابة بها وكل شبر في الإسكندرية مميز جدا . قال عنها إدوارد إم فوريستر ” أفضل طريق لرؤية الإسكندرية أن تتجوّل بدون هدف .
ويعتبر المسرح الروماني من أهم المعالم السياحية التي يؤمها السياح ويوجد هذا المسرح القديم بكوم الدكة ويرجع تاريخ بنائه للقرن الثاني الميلادي وقد تم ترميمه في القرن الرابع الميلادي ، تم اكتشافه في العصر الحديث سنة 1960 ويعتبر هو المسرح الروماني الوحيد في مصر الآن وقد استغرق التنقيب عنه حوالى 30 سنة ويحتوي على 800 مقعد رخام والأرضية من الفسيفساء .
ويحرص الزائر أيضا على مشاهدة مقابر الأنفوشي التي ترجع الى عام 250 ق م ، هذه القبور تصور الحياة اليومية للآلهة المصرية ، وقد زينت بالمرمر والرخام .
وزرنا أيضا / الكاتاكومب / وهي عبارة عن مقابر للفراعنة القدماء تأتي على ثلاثة مستويات أنشئت في القرن الثاني قبل الميلاد وتضم تمثالي الملكان سوبيك وأنوبيس وهما يرتديان دروعا رومانية .
في قلعة قايتباي !
أمضيت ساعات طويلة وأنا أتجول في جنبات قلعة قايتباي ، تارة مع المرشد السياحي الذي لايكل عن الشرح والكلام وتارة بمفردي وأخرى مع الاصدقاء ، هناك على سطح القلعة التاريخية تطلق العنان للقلب والروح كي يستنشق رائحة البحر التي تهب مع نسمات الهواء الباردة .
هذه القلعة أنشئت خصيصا لتحصين المدينة ضد الغزو من جهة البر ، بناها السلطان الأشرف قايتباي سنة 1477م وتقع في نهاية اللسان الشرقي من جزيرة فاروس القديمة وهي عبارة عن برج كبير يدعم كل ركن من اركانه برج صغير مستدير الشكل .
المتحف الروماني واليوناني
يغطي المتحف فترة زمنية طويلة تمتد من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي وقد القى هذا التنوع بظلاله على الإسكندرية ، ونشأت طائفة رفضت التطور الروحي المحلي عرفت بسيرابيس والتي هي مزيج من الديانات اليونانية والرومانية والفرعونية .
أما متحف المجوهرات الملكي في ضاحية / جليم / فإنه يحتوي على مجموعة المجوهرات الشخصية لمحمد علي باشا .
الإسكندرية أهم ميناء في مصر
بسبب موقعها ومميزاتها الطبيعية أصبحت مدينة الإسكندرية أهم ميناء في مصر وواحدة من الموانئ الثلاثة الأولى بحوض البحر المتوسط وهي أكبر موانئ شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط ، لذلك أكتسبت المدينة شهرتها كمصيف يقصده المصطافين من كل مكان ، كما تعمل محافظة الإسكندرية على فتح مجالات السياحة بها في باقي أشهر السنة لما تمتاز به المدينة من مناخ معتدل وشواطئ جذابة ومعالم تاريخية وسياحية فريدة .
ومن المعالم الجغرافية البارزة في المدينة : الميناء الشرقي بشكله الهلالي والذي يحده من الناحية الشرقية منطقة السلسلة ومن الناحية الغربية الرأس الذي ينتهي بقلعة قايتباي ، وهي أحدى معالم المدينة الأثرية ثم غرباً منطقة رأس التين وتتميز بقصر رأس التين والحدائق الخاصة به .
أما الطرف الشرقي من المدينة وبعد أن يعبر الزائر العديد من شواطئ الإسكندرية على طول الكورنيش فإنه يجد حدائق وقصر المنتزة وهي مركز سياحي متميز .